كنت طبيبا لصدام الجزء الثالث عشر
صفحة 1 من اصل 1
كنت طبيبا لصدام الجزء الثالث عشر
الـحشد الدولي:
كان لا بد أن ينتهي الأمر بأهوال؛ ففي يوم الغزو ذاته ندد مجلس الأمن الدولي بالاجتياح العراقي وطالب بالانسحاب الكامل. بعد ذلك بأربعة أيام فرض مجلس الأمن عقوبات اقتصادية شاملة ضد العراق. أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلي السعودية للدفاع عن المملكة إذا ما أمر صدام قواته بمواصلة الزحف من الكويت في اتجاه الجنوب. كانت تنتظرنا من جديد حرب كبيرة، تسيل فيها الدماء أنهارا.
في يوم الثامن عشر من سبتمبر، أي بعد شهر ونصف الشهر من احتلال الكويت، استدعي صدام القيادة العامة للقوات المسلحة لمناقشة الوضع. وعندما أصبح جليا أن الولايات المتحدة الأميركية ستلجأ إلي قوتها العسكرية الهائلة لطرد صدام من الكويت، ما لم يأمر بنفسه بسحب الجنود غير المشروط. كان هناك أكثر من ثلاثين دولة راغبة في المشاركة بطائراتها، وسفنها الحربية، وقواتها في التحالف، وعملية الأمم المتحدة التي عمدها الأميركان باسم «عملية عاصفة الصحراء».
الـخزرجي ينصح بالانسحاب:
كان رئيس أركان الجيش نزار الخزرجي هو أول المتحدثين. وضح للرئيس أن أفضل شيء للعراق هو سحب الجنود فورا.
قال: «لقد لقنّا الكويت درسا، ولذلك فإنه ليس من الضروري البقاء هناك لفترة أطول».
«الوضع واضح. إنهم يتفوقون علينا حتي من وجهة النظر الفنية فقط تفوقا هائلا. بالإضافة إلي ذلك فإن طرق الإمدادات بالنسبة إلينا طويلة للغاية. فإذا ما بقينا في الكويت تعرضنا لخسائر فادحة».
جن جنون صدام من الفريق الركن الخزرجي.
«أيعني هذا أنك لا تريد أن تقاتل»؟
«لا يا ريس. أنا جندي وسأطيع الأوامر التي ستوجهها إلي».
نهض الرئيس وغادر المكان دون أن ينبس ببنت شفة. في صباح اليوم التالي سلمه أحد الضباط خطابا من صدام.
كتب صدام في الخطاب: «يؤسفني أن أخبركم أنكم بوصفكم رئيس أركان الجيش أصبحتم غير مرغوب فيكم. أشكركم علي مجهوداتكم في الخدمة، ومستقبلا ستكونون في خدمة مكتبي كمستشار».
لم يفهم الخزرجي تماما ماهية وظيفة المستشار التي كان من المقرر أن يؤديها، ومن ثم فقد اتصل برئيس ديوان رئاسة الجمهورية.
«هذا يعني أنك ستظل في بيتك. وفي حالة ما إذا احتجنا لنصيحتك سنتصل بك».
صدام اعتبر أهل الأهوار هنوداً يجب القضاء عليهم
* أحضروا لي سجينا في البصرة بعد استعمال «أوتي» على جسده
الانتفاضة:
وقفت منذ بداياتي المبكرة على حجم القمع الذي تعرض له الشيعة في الجنوب؛ فقد كانت أول وظيفة لي أتولاها في العراق بعد إنهائي دراستي التخصصية في لندن عام 1972 هي في مستشفى البصرة. ذات مرة كنت في خدمة الطوارئ عندما أحضر اثنان من رجال الشرطة معتقلا من السجن لأفحص يديه اللتين كانتا محترقتين احتراقا شديدا. كان الجرح في ظهر اليد مثلث الشكل، وكان كل من الجلد، والأوتار، والعضلات محترقا حتى العظم.
«استعملوا كواي عادية جدا»، قالها المريض، وهو يحكي عن الوسائل التي تستخدمها الشرطة السرية. كان محاميا بارزا أوقف نفسه للدفاع عن حقوق الشيعة.
في ذات يوم أتاني ضابط برتبة نقيب يعمل في الشرطة السرية. كان مكتئبا وحزينا.
قال: «لقد تلقينا الأوامر بالنزول إلى الشارع، وبمنع الناس من إعداد الطعام للفقراء في ذكرى الحسين».
في ذكرى أربعين الإمام الحسين يعد الشيعة ميسورو الحال الطعام لغيرهم من إخوانهم الأقل حظا من المال. في يوم الجمعة هذا يتم وضع قدور كبيرة من اللحم المطبوخ، والأرز، والمرق في الشارع.
قال لي النقيب: «عند إعداد الطعام علينا قلب المراجل رأسا على عقب لإفساد الطعــام. لا أعــرف لمــاذا؟ إن هــؤلاء البؤســاء لا يشـكلون أي تهديد للسلطات؛ فهم لا يستطيعون حتى إيذاء ذبابة».
لم تمر أيام طوال بعد الانهيار العسكري في الكويت حتى أدرك صدام وبقية نظامه أن القوات المتحالفة لن تزحف على بغداد، فقد كان الرئيس الأمريكي جورج بوش راضيا بما حققه. لم تتحرك القوات المتحالفة إلى الخطوط الأمامية بعدما حررت الكويت. كما لم يكن هناك بوادر لانقلاب قد يقوده بعض اللواءات الغاضبين، ولذلك ظهر ــ وكأنه كيد ساحر ــ الوزراء، وغيرهم من موظفي الدولة، ورؤساء الشرطة، وممثلو حزب البعث مرة أخرى في مكاتبهم.
قمع الانتفاضة:
عاد صدام مرة أخرى إلى سدة الحكم، ولم يتردد في التعامل الفوري مع الشيعة في الجنوب. استطاع صدام في الوقت المناسب سحب قطاعات كبيرة من الحرس الجمهوري قبل عملية عاصفة الصحراء من منطقة العمليات الحربية، مما سمح له وقتها باستخدام تلك القوات الخاصة ضد الثوار الذين افتقروا إلى التنظيم المطلوب، والذين لم يكن بحوزتهم أسلحة ثقيلة. لقد كان التعامل معهم بالنسبة إلى صدام لعبة سهلة.
كان البيت الأبيض مترددا لبضعة أيام، لكن سرعان ما أتت من واشنطن إشارات أكثر من واضحة من أن الولايات المتحدة لن تتحالف مع الثوار.
قبل بدء التمرد أُرسل صديقي الفريق ركن نزار الخزرجي إلى جنوب العراق ليتولى القيادة العسكرية في الناصرية. تذكروه وقتها من جديد، وعينوه «مستشارا» للرئيس.
قال له صدام: «من المحتمل أن الأمريكان يريدون الاستيلاء على المدينة بمساعدة قوات الإنزال الجوي. لا بد أن تتوجه إلى هناك، وتتولى إجراءات التنظيم الدفاعية».
توجه الخزرجي إلى هناك مع هيئة مكونة من ثلاثين ضابطا، وقائدا، ومن بينهم أيضا ابنه نفسه. وما إن وصلوا إلى الناصرية، حتى بدأت الانتفاضة.
«ما إن نصبنا معسكرنا في بيت من بيوت المدينة حتى فوجئنا بأننا محاصرون، وبأن النيران تُصب علىنا من كل الاتجاهات. فقدت معظم رجالي، وأُصبت أنا أيضا في البطن. وكل ما أستطيع تذكره أنني ألقيت رأسي في حِجر ابني. اتشح كل شيء بالسواد. لم يكن هناك سوى ضوء نجم لامع اخترق الظلماء، قبل أن أفقد الوعي».
الخزرجي لصدام: كم يكرهوننا:
استيقظ الخزرجي في مستشفى الناصرية. قام أحد الجراحين بخياطة البطن بقدر ما استطاع؛ فقد كان محاصرا بكثير من الثوار. كان واحد منهم ذا لحية طويلة وعصابة خضراء على الجبين.
قال «إنني على جانب كبير من الأهمية، وإنهم يريدون الإبقاء علىّ حيا».
بعدها بيومين استولى الجنود على المستشفى، وعثروا على الخزرجي. كان ابنه كذلك على قيد الحياة، وتم تحريره. نقل الخزرجي بالطائرة الهليكوبتر إلى بغداد، حيث أُحضر إلى مستشفي ابن سينا. ذهب صدام لزيارته على الفور للوقوف على ما حدث.
قال له الخزرجي: «إنه شيء لا يكاد يصدقه العقل.. إلى أي مدى رهيب يكرهنا هؤلاء البسطاء. حتى النساء هجمن علىنا ببنادق الكلاشينكوف. لا بد أننا أمعنا في ظلمهم إمعانا كبيرا».
رأيت كيف شحُب وجه صدام؛ فلم يرق له ما سمعه، فمنذ دهر سحيق لم يحدث أن قيل له في وجهه إن النظام لم يكن محبوبا على الدرجة نفسها في كل مكان، وأن الناس لم يكونوا بالضرورة يحبونه كما كان يتوهم.
«د. علاء سيوليك عنايته على أفضل ما يكون» كان هذا كل ما قاله لرئيس هيئة الأركان السابق قبل أن يدلف من الباب محتجبا.
لم يتحدث صدام مطلقا عن الأمر، لكنني كنت واثقا من أن الانتفاضة كانت صدمة له؛ فكــل التقــارير التي تلقاها من قيادات حزب البعث، والأمن، والمخابرات كانت لا تنقل له سوى أخبار شعب راض وسعيد في كل أنحاء العراق، مغفلة ما دون ذلك من أخبار.
كانت حالة الخزرجي سيئة للغاية؛ فالإصابة التي لحقت به في منطقة البطن لم تُخيّط بشكل صحيح، حيث خرجت الأمعاء والأحشاء من جدار تجويف البطن.
باستعمال الداكرون، وهو نسيج صناعي، وبكل ما لديّ من خبرة في مجال جراحة الحروب، وُفقت في إعادة خياطة الإصابة وفي إنقاذ حياته.
وحينما وقف الخزرجي على قدميه مرة أخرى بعدها بعدة شهور لم يعد صدام مهتما بخدماته كلواء، فرُكن الخزرجي على الرف.
كان لا بد أن ينتهي الأمر بأهوال؛ ففي يوم الغزو ذاته ندد مجلس الأمن الدولي بالاجتياح العراقي وطالب بالانسحاب الكامل. بعد ذلك بأربعة أيام فرض مجلس الأمن عقوبات اقتصادية شاملة ضد العراق. أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلي السعودية للدفاع عن المملكة إذا ما أمر صدام قواته بمواصلة الزحف من الكويت في اتجاه الجنوب. كانت تنتظرنا من جديد حرب كبيرة، تسيل فيها الدماء أنهارا.
في يوم الثامن عشر من سبتمبر، أي بعد شهر ونصف الشهر من احتلال الكويت، استدعي صدام القيادة العامة للقوات المسلحة لمناقشة الوضع. وعندما أصبح جليا أن الولايات المتحدة الأميركية ستلجأ إلي قوتها العسكرية الهائلة لطرد صدام من الكويت، ما لم يأمر بنفسه بسحب الجنود غير المشروط. كان هناك أكثر من ثلاثين دولة راغبة في المشاركة بطائراتها، وسفنها الحربية، وقواتها في التحالف، وعملية الأمم المتحدة التي عمدها الأميركان باسم «عملية عاصفة الصحراء».
الـخزرجي ينصح بالانسحاب:
كان رئيس أركان الجيش نزار الخزرجي هو أول المتحدثين. وضح للرئيس أن أفضل شيء للعراق هو سحب الجنود فورا.
قال: «لقد لقنّا الكويت درسا، ولذلك فإنه ليس من الضروري البقاء هناك لفترة أطول».
«الوضع واضح. إنهم يتفوقون علينا حتي من وجهة النظر الفنية فقط تفوقا هائلا. بالإضافة إلي ذلك فإن طرق الإمدادات بالنسبة إلينا طويلة للغاية. فإذا ما بقينا في الكويت تعرضنا لخسائر فادحة».
جن جنون صدام من الفريق الركن الخزرجي.
«أيعني هذا أنك لا تريد أن تقاتل»؟
«لا يا ريس. أنا جندي وسأطيع الأوامر التي ستوجهها إلي».
نهض الرئيس وغادر المكان دون أن ينبس ببنت شفة. في صباح اليوم التالي سلمه أحد الضباط خطابا من صدام.
كتب صدام في الخطاب: «يؤسفني أن أخبركم أنكم بوصفكم رئيس أركان الجيش أصبحتم غير مرغوب فيكم. أشكركم علي مجهوداتكم في الخدمة، ومستقبلا ستكونون في خدمة مكتبي كمستشار».
لم يفهم الخزرجي تماما ماهية وظيفة المستشار التي كان من المقرر أن يؤديها، ومن ثم فقد اتصل برئيس ديوان رئاسة الجمهورية.
«هذا يعني أنك ستظل في بيتك. وفي حالة ما إذا احتجنا لنصيحتك سنتصل بك».
صدام اعتبر أهل الأهوار هنوداً يجب القضاء عليهم
* أحضروا لي سجينا في البصرة بعد استعمال «أوتي» على جسده
الانتفاضة:
وقفت منذ بداياتي المبكرة على حجم القمع الذي تعرض له الشيعة في الجنوب؛ فقد كانت أول وظيفة لي أتولاها في العراق بعد إنهائي دراستي التخصصية في لندن عام 1972 هي في مستشفى البصرة. ذات مرة كنت في خدمة الطوارئ عندما أحضر اثنان من رجال الشرطة معتقلا من السجن لأفحص يديه اللتين كانتا محترقتين احتراقا شديدا. كان الجرح في ظهر اليد مثلث الشكل، وكان كل من الجلد، والأوتار، والعضلات محترقا حتى العظم.
«استعملوا كواي عادية جدا»، قالها المريض، وهو يحكي عن الوسائل التي تستخدمها الشرطة السرية. كان محاميا بارزا أوقف نفسه للدفاع عن حقوق الشيعة.
في ذات يوم أتاني ضابط برتبة نقيب يعمل في الشرطة السرية. كان مكتئبا وحزينا.
قال: «لقد تلقينا الأوامر بالنزول إلى الشارع، وبمنع الناس من إعداد الطعام للفقراء في ذكرى الحسين».
في ذكرى أربعين الإمام الحسين يعد الشيعة ميسورو الحال الطعام لغيرهم من إخوانهم الأقل حظا من المال. في يوم الجمعة هذا يتم وضع قدور كبيرة من اللحم المطبوخ، والأرز، والمرق في الشارع.
قال لي النقيب: «عند إعداد الطعام علينا قلب المراجل رأسا على عقب لإفساد الطعــام. لا أعــرف لمــاذا؟ إن هــؤلاء البؤســاء لا يشـكلون أي تهديد للسلطات؛ فهم لا يستطيعون حتى إيذاء ذبابة».
لم تمر أيام طوال بعد الانهيار العسكري في الكويت حتى أدرك صدام وبقية نظامه أن القوات المتحالفة لن تزحف على بغداد، فقد كان الرئيس الأمريكي جورج بوش راضيا بما حققه. لم تتحرك القوات المتحالفة إلى الخطوط الأمامية بعدما حررت الكويت. كما لم يكن هناك بوادر لانقلاب قد يقوده بعض اللواءات الغاضبين، ولذلك ظهر ــ وكأنه كيد ساحر ــ الوزراء، وغيرهم من موظفي الدولة، ورؤساء الشرطة، وممثلو حزب البعث مرة أخرى في مكاتبهم.
قمع الانتفاضة:
عاد صدام مرة أخرى إلى سدة الحكم، ولم يتردد في التعامل الفوري مع الشيعة في الجنوب. استطاع صدام في الوقت المناسب سحب قطاعات كبيرة من الحرس الجمهوري قبل عملية عاصفة الصحراء من منطقة العمليات الحربية، مما سمح له وقتها باستخدام تلك القوات الخاصة ضد الثوار الذين افتقروا إلى التنظيم المطلوب، والذين لم يكن بحوزتهم أسلحة ثقيلة. لقد كان التعامل معهم بالنسبة إلى صدام لعبة سهلة.
كان البيت الأبيض مترددا لبضعة أيام، لكن سرعان ما أتت من واشنطن إشارات أكثر من واضحة من أن الولايات المتحدة لن تتحالف مع الثوار.
قبل بدء التمرد أُرسل صديقي الفريق ركن نزار الخزرجي إلى جنوب العراق ليتولى القيادة العسكرية في الناصرية. تذكروه وقتها من جديد، وعينوه «مستشارا» للرئيس.
قال له صدام: «من المحتمل أن الأمريكان يريدون الاستيلاء على المدينة بمساعدة قوات الإنزال الجوي. لا بد أن تتوجه إلى هناك، وتتولى إجراءات التنظيم الدفاعية».
توجه الخزرجي إلى هناك مع هيئة مكونة من ثلاثين ضابطا، وقائدا، ومن بينهم أيضا ابنه نفسه. وما إن وصلوا إلى الناصرية، حتى بدأت الانتفاضة.
«ما إن نصبنا معسكرنا في بيت من بيوت المدينة حتى فوجئنا بأننا محاصرون، وبأن النيران تُصب علىنا من كل الاتجاهات. فقدت معظم رجالي، وأُصبت أنا أيضا في البطن. وكل ما أستطيع تذكره أنني ألقيت رأسي في حِجر ابني. اتشح كل شيء بالسواد. لم يكن هناك سوى ضوء نجم لامع اخترق الظلماء، قبل أن أفقد الوعي».
الخزرجي لصدام: كم يكرهوننا:
استيقظ الخزرجي في مستشفى الناصرية. قام أحد الجراحين بخياطة البطن بقدر ما استطاع؛ فقد كان محاصرا بكثير من الثوار. كان واحد منهم ذا لحية طويلة وعصابة خضراء على الجبين.
قال «إنني على جانب كبير من الأهمية، وإنهم يريدون الإبقاء علىّ حيا».
بعدها بيومين استولى الجنود على المستشفى، وعثروا على الخزرجي. كان ابنه كذلك على قيد الحياة، وتم تحريره. نقل الخزرجي بالطائرة الهليكوبتر إلى بغداد، حيث أُحضر إلى مستشفي ابن سينا. ذهب صدام لزيارته على الفور للوقوف على ما حدث.
قال له الخزرجي: «إنه شيء لا يكاد يصدقه العقل.. إلى أي مدى رهيب يكرهنا هؤلاء البسطاء. حتى النساء هجمن علىنا ببنادق الكلاشينكوف. لا بد أننا أمعنا في ظلمهم إمعانا كبيرا».
رأيت كيف شحُب وجه صدام؛ فلم يرق له ما سمعه، فمنذ دهر سحيق لم يحدث أن قيل له في وجهه إن النظام لم يكن محبوبا على الدرجة نفسها في كل مكان، وأن الناس لم يكونوا بالضرورة يحبونه كما كان يتوهم.
«د. علاء سيوليك عنايته على أفضل ما يكون» كان هذا كل ما قاله لرئيس هيئة الأركان السابق قبل أن يدلف من الباب محتجبا.
لم يتحدث صدام مطلقا عن الأمر، لكنني كنت واثقا من أن الانتفاضة كانت صدمة له؛ فكــل التقــارير التي تلقاها من قيادات حزب البعث، والأمن، والمخابرات كانت لا تنقل له سوى أخبار شعب راض وسعيد في كل أنحاء العراق، مغفلة ما دون ذلك من أخبار.
كانت حالة الخزرجي سيئة للغاية؛ فالإصابة التي لحقت به في منطقة البطن لم تُخيّط بشكل صحيح، حيث خرجت الأمعاء والأحشاء من جدار تجويف البطن.
باستعمال الداكرون، وهو نسيج صناعي، وبكل ما لديّ من خبرة في مجال جراحة الحروب، وُفقت في إعادة خياطة الإصابة وفي إنقاذ حياته.
وحينما وقف الخزرجي على قدميه مرة أخرى بعدها بعدة شهور لم يعد صدام مهتما بخدماته كلواء، فرُكن الخزرجي على الرف.
khalid- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 313
۞ تاريخ التسجيل : 26/10/2007
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى